حرق صور قاسم سليماني حرّك الجيش على خطّ التماس من هو الفاعل ولماذا؟
حلّت ذكرى استشهاد قائد لواء القدس قاسم سليماني هذا العام على وقع زيادة منسوب التوتّر في كل المنطقة ومن ضمنها لبنان الذي يعاني في ظلّ غياب الحكومة، وغياب أي مؤشر حول اقتراب تشكيلها، ويبدو أن هناك من يحاول استغلال المناسبة للّعب على الوتر الطائفي والمذهبي، وإشعال فتنة تزيد منسوب الفوضى في لبنان، عبر حرق صور سليماني قرب نفق نهر الكلب.
مساء أمس الإثنين، نشرت إحدى القنوات الإعلامية مقطع فيديو يُظهر مجموعة من الشبان، وهم يحرقون صور قاسم سليماني، ويرفعون صور بشير الجميل، ورفيق الحريري والمفتي حسن خالد، فانتشر المقطع المصور على وسائل التواصل كالنار في الهشيم مترافقاً مع تغريدات مؤيدة وأخرى معارضة، فالمؤيدين اعتبروا أن سليماني “قتيل” إيراني، استغل لبنان وسوريا لبسط النفوذ الإيراني، وهو حليف حزب الله في لبنان، ولا يجوز الإحتفال به كبطل، وتسمية الشوارع بإسمه، وصنع التماثيل له، والمعارضين لحرق الصور، وجدوا الحادثة فعلاً فتنوياً يهدف لجرّ الشارع إلى مواجهات.
إستنفار أمني لمواكبة حرق الصور
بعد إنتشار المقطع المصوّر، تحرّك الجيش اللبناني لمنع تطوّر الموضوع، إذ علم “أحوال” من مصادر أمنية أن عناصر الجيش تبلّغوا بتشديد الأمن والحراسة على “خط تماس” عين الرمانة الشياح، خصوصاً وأن رفع صور بشير الجميل، ورمزية المكان الذي حصل فيه التحرك، قد يدلّ على هويّة الفاعلين وانتمائهم السياسي، وتشير المصادر إلى أن الجيش نفّذ انتشاراً واسعاً في تلك المنطقة، ولكن الأمن بقي مستتبّاً، ولم تحصل أي تجاوزات، مشدّدة على أن الإنتشار الأمني لن ينتهي قريباً لمنع أحد من اللعب على وتر الفتنة وإشعال الإشكالات المناطقية.
من إيران إلى لبنان
“كان لافتاً لكل المراقبين والمتابعين لشؤون المنطقة اعتماد حرق صور سليماني والمهندس في أكثر من دولة، وإضاءة بعض وسائل الإعلام العربية على الحدث وتعظيمه وتضخيمه”، تقول مصادر مؤيّدة لسليماني، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن هذه الوسائل الإعلامية نشرت “تسجيلاً مصوّراً” لحرق صورة سليماني في إيران، بحسب ما ادّعت، كذلك في الموصل، وفي لبنان، مشدّدة على أن هذه الأفعال والتنسيق الإعلامي حولها يدلّان على أنها أفعالاً منسّقة، وتهدف إلى أمرين أساسيين: الأمر الأول هو تشويه الصورة الجامعة للشهيدين، ومحاولة ضرب ما يمثلانه من حالة مقاومة عابرة للحدود، والثاني هو محاولة افتعال الفتن عبر استجرار الشارع المؤيّد للشهيدين إلى الرد عبر استخدام العنف”.
وتلفت المصادر النظر إلى أن حرق الصور في لبنان هو أمر مفتعل ومعروف من يقف خلفه، ولكن الإتهام لن يُفيد وقد يؤدي إلى تحقيق غايات مرتكبي هذا العمل، مشيرة إلى أن المطلوب هو تحرك القوى الأمنية لمنع حصول إشكالات، والمطلوب من محبّي سليماني “الترفّع” عن هذه الحوادث.
مصادر “القوات” تستنكر ربطها بالتحرك
عندما تمّ بناء “حائط برلين” في نفق نهر الموت، اتُّهمت “القوات اللبنانية” بتحريك “ثوّارها”، وأمس، بعد حرق الصور تم ربط “المعتصمين” بحزب القوات اللبنانية مجدّداً، الأمر الذي تنفيه مصادر “القوات اللبنانية” بشدّة، مشيرة إلى أن “القوات” لا تختبىء خلف “الثوار” ولا تخجل من تبنّي أي تحرك تقف خلفه، ولا تستحي من رفع الشعارات التي تؤمن بها، وبالتالي كل الكلام عن تنظيمها عملية حرق صور سليماني هو كلام عار من الصحة، ولا يمتّ للحقيقة بصلة.
وترى المصادر عبر “أحوال” أن اللبنانيين سئموا ربط لبنان ومصيره بمصير إيران وسوريا، وتعبوا من هيمنة إيران على القرار اللبناني، مشددة على أن “الرفض” اللبناني لهذه المسألة قد يتمظهر بعدة صور، وحان الوقت للجميع كي يعلموا بأن الشباب اللبناني قرر التعبير عن مواقفه، ولا داعي لربط كل تعبير بالسياسة والأحزاب لإعطائه بُعداً بعيداً عن العفوية وربطه بملفات وقضايا لا تعنيه إطلاقاً، معتبرة أن هناك من يرفض التصديق أن اللبنانيين لن يقبلوا بهيمنته بعد اليوم.
محمد علوش